Wednesday 13 August 2014

مقال: "طور ذاتك = سوق لذاتك" || هبه حداد

Share on Tumblr

بصفحتي على الأسك استقبل اسئلة تجعلني انا شخصيا اعيد تقيمي لتفكيري بالأمور , ربما لأنه ليس بالأمر اليسير على المرء كتابة إجابة على سؤال احدهم قد يكون منتظرا منك “قشة النجاة” التي سينقذ بها نفسه من خضم التلاطمات والتفرعات الحياتية, كما انه من الواجب على المرء ان يرشد الأخرين بخلاصة تجارب حياتية لأن ذلك ربما سيوفر على كثيرين مسافات قد استهلكت عمر ومجهود لكي يصل لقناعة معرفية ونتيجة مرضية! ولعل اكثر نوعية للأسئلة الحياتية التي تأتيني هي عن “الذات” , “العزيمة”, ” التوجه المعرفي” و “التطوير المعرفي” , فوددت اذا افردت مجملها في مقال خاص ربما قد يشمل اجابات لأسئلة مشابه كثيرة اخرى.

فعندما يسألني احدهم “كيف للمرء ان يطور ويحسن من نفسه؟”!
وللإجابة على هكذا سؤال , دعونا نقول اننا نعاني نحن “اقصد العرب” مشكلة التسويق! فكل شيء في الحياة اخترع له الغرب تسويقا, حتى الدين ! وهذه ليس إعلان للإتجار بالدين , ولكن التسويق للدين ,وهناك اختلاف جذري فخم بين المجالين ! كمثال على ذلك حينما تحل زائرا بأي فندق بألمانيا تجد على المنضدة بجانب الفراش كل من نسخة من “الأنجيل” وكتاب تعريفي عن “البوذية” , فما حاجة ديانتين معروفتين لـ “التدليل” لهما بإهداء كتب مجانية في نزل ربما سيمر عليه المرء لليلة ثم يمضي لحال سبيله؟ واذا علمت ان تكلفة طباعة هذه الكتيبات هي من نفقات “وقفية” اشتركت فيها مؤسسات واشخاص ودور عبادة من اجل نشر التوعية بالدين! وهذا ما يسمى بـ “التسويق للدين”, وإذا علمت ايضا ان إدارات تلك الفنادق لا تمانع ابدا بوضع نسخة من القرءان الكريم بجانب الفراش عندها ستٌدفع حتما للسؤال “اين نحن من التسويق العملي لديننا”! والأمثلة كثيرة غير محصورة , فأقل الطوائف الدينية تجميع التمويلات من الميسورين ودافعي الهبات لعمل طبعات ارشادية للديانة و تنفق كل من الوقت والمجهود لنشرها و إن اضطروا للوقوف لساعات في “المترو” تتلقى النظرات والاهانات كما ذكر احدهم عن سيدة تقوم بتوزيع نشرات عن “شهود يهوه” او “Jehovah’s Witnesses” في محطة قطار أرضي بالقاهرة -مصر! امثلة التسويق كثيرة ولا تنتهي , وهي تمس الفرد الواحد بشكل اساسي , فبعيدا عن مجال الديانات, فأمثلة تقنية كـ “ستيف جوبز “”مؤسس شركة Apple” والمدير التنفيذي السابق لها بدأ حياتة بفكرة لم تكن فكرته بالأساس ولكن هو من قام بتسويقها في “معرض متواضع للأجهزة الألكترونية”! كذلك فيسبوك , صدق او لا تصدق لم تكن فكرة “مارك زوكربيرج” “المدير التنفيذي لأشهر شركات مواقع التواصل الاجتماعي Facebook” بل كانت لإحدى رفاق دراسته بالجامعة وقام زوكربيرج بتروجيها, وخاضا الإثنان معركة قضائية شرسة حٌسمت لصالح زوكربيرج الذي اثبت ان فكرة غريمة لم تكن إلا ستكتش ليس بها أي “مجهود تطويري”! وكمثال سياسي, فلقد طالعت احدى الأبحاث الدورية التي حررها مركز ابحاث الجيش الأسرائيلي IDF يذكرون بها قدرات افراد الجيش الاسرائيلي التدريبية على “اتباع اخلاقيات الحرب والنزاع عند التعامل مع المعتدين من الفلسطنين او المحتجزين” , وعليك ان تتصور كم المغالطات التاريخية و قلب الحقائق التي تحويه مثل هذه الابحاث “رضيت او شجبت” هي بالاخير من سيصدقها القاريء العادي في اقصاي الأرض لأن الاسرائليون نجحوا في تسويق “كذبهم”! وبهذا نستخلص , ان من “يسوق” لمهاراته هو من كيسب المعركة الحتمية لما يسمى بالـ “تطوير” !
وعودة للسؤال “تطوير الذات”, فعلى المرء اولا اكتشاف مواطن “القوة” بذاته, حتى لا يغوص عمقا قد لا يٌحسن سباحته فيتشتت في اختيارات هائلة متفرعة في الحياة من اجل تطوير الذات او النمو بالذات او بمعنى احرى ودقيق جدا “تحقيق الذات” وهذا هو صدقا غاية ما يبحث المرء عنه وليس اى مسميات اخرى مغلوطة او متوارية “خجلا”!

فإذا استطاع احدهم ان يكتشف مواطن قوته, كالكتابة , الرسم , الخطابة , القراءة , البهجة للاخرين, الدراسة , التصميم , البرمجة , التصوير, العمل التطوعي , وإلخ سيبدأ بالتفكير العملي لكيفية “التسويق لمهاراته” لأنها النتيجة الحتمية لهكذا اكتشاف , فالإنسان يسعى لدفع نفسه قدما فيما يعشق او يٌبدع! وعندما يدخل المجال التسويقي “لنقطة قوة الذات” بعد ان يحددها , ساعتها سيكتشف بالمقارنة كم القصور الذي ربما تخلف عنه ,ويبدأ في تنمية معرفته لملء هذا النقص المعرفي, بالقراءة , او الاحتكاك بخبرات سابقة , او بأسهل الطرق واكثرها انتشارا “الانترنت” , الذي بالمناسبة قد يعلمك كل شيء بدون معلم بداية من الطبخ إلي كيفية صنع صاروخ ارض-جو “بازوكا - Bazooka” (انظر المرفقات) , ,وما إلي ذلك من طرق تطوير الذات وتحسين الأداء. فقط ضع بحسبانك تفريد المعرفة من اجل تطوير الذات وليست من اجل صنع المزيد من الاصنام , وما اكثرها! فالمعرفة كدرجات السُلم لابد للمرء ان يخطوها درجة درجة حتى يصل لمبتغاه , وخلال تلك المراحل قد يتخبط, او يتوقف , او يجد من يظنه “مثله الأعلى” , فليس هناك اعفاء من مراحل قد تتكرر من “الاحباط” وهو امر قد يترك المرء متدحرجا حتى قاع السًلم!

وهذا المنحني سيأخذنا لمفهوم جديد منشاؤه “تطوير الذات” وهو “العزيمة للحصول على المعرفة” بحد ذاتها , فمتى كان قرار المرء لتطوير ذاته لايتناسب مع عزيمته على تنفيذ هذا القرار ساعتها ستكون المحصلة النهائية “صفر” , فكما قال الفيلسوف الألماني فريدريخ نيتشه ” أنتم، يا محبيْ المعرفة, ماذا فعلتم جرّاء الحبِّ لأجل المعرفةِ حتّى الآن؟” , ولنا في ديننا الأسلامي الحنيف دلائل كثيرة للحث على المعرفة والتعلم , كقول رسول الله صلى الله عليه وسلم “اطلبوا العلم ولو في الصين”! و حديث أخر له صلوات الله عليه وسلم “اطلبوا العلم من المهد إلي اللحد” والتي ربما أوُردت كأحاديث موضوعة كما ذكر “العجلوني” في “كتابه كشف الخفاء ومزيل الإلباس عما اشتهر من الأحاديث على ألسنة الناس”, إلا أن قوله تعالى في الآية الكريمة ” وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ” (النحل , 78) , والمغزي البلاغي لجمع كلمات “لاتعلمون , السمع , الابصار, الافئدة” في آية واحدة تنبهنا لآليات تجميع المعلم ولو افردنا القرائن بضرورة تجديد عزيمة السعي وراء الحاجة المعرفية فحتما لن يسع ذلك بِضع سطور.

وهنا سنصل للتساؤل اخر “كيف للمرء ان يزيد من منسوب عزيمته كلما قصُرت همته او تراخت؟” وهذا يعيدنا لباديء الأمر بشكل مطلق للمشكلة الرئيسية “لماذا اريد ان اطور ذاتي” ! والإجابة ربما اسهل مما قد يتوقعه كثيرون , “فالإنسان يطور ذاته لتحصيل نفع حياتي معين”! فطبقا لتصنيف هرم “ماسلو” لحاجات الإنسان , فأن كل من “الحاجة للمعرفة” و “الحاجة للإحترام” و”تحقيق الذات” تقع كنقاط وصل بين حاجات تميز الإنسان عن غيره من باقي المخلوقات واخري لا تجعله يختلف كثيرا عن باقي تلك المخلوقات كبحث عن الغذاء والرغبة بالجنس والشعور بالأمان! وبالتالي سنجد ان أي عزيمة لعمل ما لابد ان تٌربط بالنفع او النتيجة, التي هي بطريقة وبأخري نتيجة “تسويق مهارات الذات”! إذن فكل عزيمة سبقتها نتيجة حياتية تدخل في أصلها التسويق الناجح للمهارات لتحصيل نتيجة عالية! اما مقدار “العزيمة للعمل” هو ما سيمليه صدق إجابة المرء على سؤاله لنفسه “لما يتوجب علي تطور ذاتي” !

والإحباط كمسبب الأساسي في قصر الهمة هو امر بديهي, وخصوصا عند فشل الإنسان بتحقيق إنجازات لاتتناسب مع قدر طموحاته الكبيرة وهذا ما يسمي في علم النفس بـــ”إحباط التوقعات العظيمة” او ” Great expectations breakdown” ولا توجد اي حلول لمثل هذا الأمر , إلا من خلال الإنسان نفسه, بأن يفهم مقدار قدراته جيدا ومقدار العوامل التي من الممكن ان تحبط محاولاته بالنجاح في “تطوير ذاته” فيما حوله و ان يعمل جاهدا ان يضع سقفا للطموحات يتناسب مع هذه القدرات, ويبدأ شيئا فشيئا لتعويد نفسه المنافسة و العمل الدؤوب , فإذا وجد انه حقق مقدار 2 من 4 مجمل اهداف , فهو شىء مبشر, وعليه ان يستمر بالمران فيرتفع سقف الطموحات, فكل الأمر ان تعمل اكثر مما تحلم! وهنا يطالعنا بيت الشعر لأمير الشعراء “احمد بك شوقي”:
وما نيل المطالب بالتمني … ولكن تؤخذ الدنيا غلابا

المرفقات:
طريقة صنع “صاروخ بازوكا” 

طريقة صنع موتور سيارة

طريقة صنع “بندقية رشاش”

طريقة صنع إنسان ألي

طريقة صنع ستالايت
http://www.youtube.com/watch?v=te97FzUItaI


No comments: