Friday 20 February 2015

خمسون ظلا من +18| تحليل فيلم Fifty Shades of Grey | هبه حداد

Share on Tumblr



إن  http://www.hebation.blogspot.com/search/label/Cinema%20Revies%20%D9%85%D8%B1%D8%A7%D8%AC%D8%B9%D8%A7%D8%AA%20%D8%B3%D9%8A%D9%86%D9%85%D8%A7%D8%A6%D9%8A%D8%A9فيلما كـ "Fifty Shades of Grey" يبدو من قراءة مراجعات النقاد التي كٌتبت عنه و استعراض مقالات الرأي التي تناولته بالنقد و التحليل كما تناولت الرواية المأخوذ منها قصة الفيلم والتي كانت في مصاف الروايات الأكثر مبيعا في نيويورك للكاتبة الأمريكية E. L. James, جميعها تُعطي إنطباعا على أنه فيلم من نوعية "البورنو - Porno" وقد يصاب أي شخص طبيعي أثناء مشاهدته بالتقزز و الرغبة في إغلاقه على الفور! 

إلا أن ما وراء القصة هو ما يجعل لهذا الفيلم أهمية ربما لم نكن لنفطن لها. مجتمعاتنا العربية للأسف أصيب بأعراض مشكلتين عضال لم نستطع إيجاد حل لهما بالرغم من وجود تجارب غربية أثبتت ولو بنسب أنها ناجحة. 

(1) المشكلة الأولى .. 
وهي الأكثر تفاقما, هجر الأطفال حديثي التكوين والنفسية بين يدي المربيات/دور الحضانة/ الغرباء / الأقارب غير المؤتمنين أخلاقيا , وإلى غيره من أمكنة و أشخاص يتخذ منهم الشيطان "احيانا" مقرا لمنتجعه.. وهي نتيجة إما إنشغال الوالدين وخاصة الأم بالعمل أو الدراسة أو الإهمال الأخلاقي بين أفراد الأسرة الواحدة .. في الفيلم, تعرض البطل لأيذاء جسدي جسيم وهو طفل من قبل مربيته جعلت منه "سادي" أو ما يطلق عليه "Sex addict" ولكن بطريقة رهيبة تُمعن في الإيذاء الجسدي لشريكة المضاجعة , وهو ما يحاول أن يجد له منفذ , ربما قصد صناع الفيلم تجميل الحقيقة المشوهة عبره, بإختيار الشريكة التي ترتضي مثل هذا الجحيم والإتفاق معها على شروط تمت صياغتها في "عقد" تستطيع من خلاله التعديل في شروط "الضرب أو الإيذاء". 
 http://www.hebation.blogspot.com/search/label/Cinema%20Revies%20%D9%85%D8%B1%D8%A7%D8%AC%D8%B9%D8%A7%D8%AA%20%D8%B3%D9%8A%D9%86%D9%85%D8%A7%D8%A6%D9%8A%D8%A9
وفي أختياره لفتاة تبدو "ساذجة" وقليلة التجارب عمل مزدوج يحقق له مراده النفسي, فهو يريد ضحية وليست شريكة, وإلا إنهار قرميد في البناء الذي يرنو للحصول عليه .. "إيذاء جسدي لشخص قليل الحيلة + موافقة = إستمتاع" !! 

في الحقيقة تبدو المعادلة غريبة أو غامضة , لكن في حديث ودي بين البطل والبطلة في الفيلم بعد قيامهما بما اشترطه العقد , اخبرته "أن تلك المربية كانت لئيمة وأنها مارست معه Child abuse (*)" , لكن في رد غير متوقع من البطل الذي في قراره نفسه يلعن تلك الذكريات المريرة التي تبدو آثارها كندوب على جسده و كذلك نفسيته , يجيبها "لكني قد أستمتعت حقا" !! 

تشير أحد الدراسات الأمريكية أن الأطفال الذين يتعرضون لحوادث اغتصاب في صغرهم (ذكر/انثى) تترسخ في نفوسهم رغبة ملحة في إيذاء الذات و الآخرين معا! لكن مع قلة الحيلة على الإيذاء فيجد أن ممارسة الجنس مع الغرباء شيئا قد يحقق له مراده ! فهم سيكبرون إما مرضى نفسيين (مدمنيين على إيذاء الذات) أو Sex addicts (*). 

وربما حتى لا يصاب النقاد بمتلازمة "التصنيف", فإن خيار جعل "كريستين" بطل الفيلم رجل بطبعه شهم و حساس و قادر على حماية البطلة الساذجة المحتاجة لرعاية دائمة "انستازيا" بل وقادر على تشعر تجاهه بالحب لكان لازما لكسب تعاطف الجميع !!! نعم حب! كريستين لم يخدع انستازيا ويستدرجها لمطارحة فراش "مبرحة" بل اطلعها على سره في هدوء و عرض عليها "العقد" وكل امتيازاتها المادية والمعنوية , والمعنوية هنا نقصد بها "ماهو شبيه الحب" , فهي تسأله:
 - And that will make you love me ? 
فيجيب 
- I will be devoted to you! 
والـ devotion/الإخلاص (معنوي/مادي) لـ "كريستين" , الطفل المتأذي جنسيا في صغره, أعظم مكانة من مجرد "حب" !! الشاهد أن التعقيد النفسي الذي يعانيه "كريستين" كان لزاما عليه كـ"رجل متحضر" أن ينقله "بتحضر" لشريكته حتى لا يقعا الإثنان تحت تصنيف "المازوخية" ولكن "الإستمتاع المتبادل" وهو بالضبط ما عانى منه صغيرا , "استمتاع رغم الخطأ"!! 

وهذا ما ينقلنا سريعا لمشكلتنا الأولى التي طرحناها في بداية الحديث, إنشغال الأم عن أبنائها و اضطرارها لتركهم في أيد غير أمينة بالمرة كالمربيات أو ربما حتى أقارب! بعض النماذج التي عاصرتها بنفسي هي حالة أم لا تعمل ولا تدرس ولكنها تظل منشغلة طوال اليوم عن أولادها إما بالهاتف أو النوم أو النزهات! بينما أطفالها ترعاهم خادمة صغيرة السن! وتلك للأسف نماذج نشهدها بشكل مخيف في المجتمعات الخليجية على وجه الخصوص! 

(2) المشكلة الثانية ..
والتي نحن في حاجة ماسة لمناقشتها من خلال أحداث هذا الفيلم هو كيف نعلم أبنائنا التبليغ عن أي تنمر يتعرضون له ! التنمر أو الـ Bullying (*) لا تنحصر أشكاله بين أقران المدرسة التي يتنمر فيها التلميذ الأقوى وجماعته على الأضعف! بل أن له أشكال متعددة وكثيرة, كتنمر الوالد على ولده , أو الوالدة على ولدها , او الزوج على زوجته أو الزوجة على زوجها , وما إلى ذلك من أشكال متطورة وانماط تثير بقلوبنا الرعب من مجرد التفكير في الإحتمالات! لكن أقرب الأنماط لأذهاننا نستطيع إدراجها فيما يلي: 
أ) الطفل "الذكر" الذي يتعرض لتنمر والده والصياح فيه ليل نهار وعدم سماع رأيه والتسفيه من قوله, سيكبر حتما وبداخله شخص مشوه في حالة دائمة من عدم الوثوق بالنفس و في حاجة مستمرة لمن هو أضغف منه لكي يمارس عليه ما هو مكبوت في نفسيته من تنمر! وهو شخص بالتأكيد لن يتزوج من فتاة لها شخصية تفوق قدرته على التنمر!! 
ب) الطفلة التي تتعرض للتنمر والإيذاء الجسدي من قبل احد مدرسيها بالمدرسة/ الأقارب في العائلة / ألخ ولا تستطيع إبلاغ احدهم عما تعانيه من شدة الخوف الذي يبثه فيها ذلك المتنمر! 
ج) الزوجة التي تتعرض لتنمر زوجها من ضرب أو إهانة أو قهر (سحق للشخصية) وهي في حالة إنكار للذات وإنكار لتعرضها للإيذاء اللفظي/ الجسدي/ الجنسي وفقا لما يلقنها إياه زوجها المتنمر من حفاظ على الحياة الزوجية والأولاد و و .. 
د) حتى في أطر علاقة الأحبة أو الأصدقاء , هناك متنمرون يجعلون هدفهم دائما الشخص الأكثر إنسياقا و مطواعية حتى يمارسون عليه إيذاءهم , ليس شرطا أن يكون إيذاء جسدي, لكن بكل طريقة ممكنة. 
هـ) الذي/ التي(في اغلب الأحوال هي فتاة/أمرأة) يتعرضون للتنمر على الأنترنت كالتهديد بالعلاقات السرية أو الصور أو المعلومات الشخصية و وما إلى ذلك , والضغط عليهم بإستمرار لممارسة الجنس أو تلبية أوامر المتنمر على اختلافها , وهو نوع من التنمر بلغ ضحاياه,الموثقة أعدادهم, بالمئات من المنتحرين والمنتحرات خلال عام 2014 فقط (*). 


ففي الفيلم و عقب ما يشرح "كريستين" لـ "انستازيا" بشكل حضاري مراده منها تشرع الأخيرة بالأستعانة بجوجل لتتعرف على احد المفردات التي تكررت كثيرا بالـ "عقد" وهي "Submissive"(*) (=الشخص الذي يوافق على إيذاءه جسديا من خلال الجنس / وهي لفظة مختلفة عن Sex Slave لأن الأخيرة تعني الإيذاء الجنسي بدون موافقة), فهالها ما رأت من صور بشعة لصور فتيات مقيدات بأساور حديدية و جلود و مضروبات بخيزرانات و ما إلى ذلك من أدوات سبق أن رأت مثيلاتها عند كريستن والذي خصص لها غرفة سرية لا يمتلك سواه مفتاحها سماها "غرفة اللعب أو The Play Room .. فأسرعت برفض التعاقد مع "كريستين" .. 

لكن "كريستين" جسد شخصية المتنمر "الناعم" (من يجعلك تنفذ رغباته المريضة برضا كامل منك عن طريق الرعاية والأهتمام الكبيرين!) و يبدو أن حتى "انستازيا" كانت تعاني أيضا من إهمال مزمن من عائلتها وإخفاق في علاقتها العاطفية ومع الوقت لا تجد غضاضة في الوقوع بحب "الجلاد" وهو ما يسمى ال BDSM relationship (*) ويختلف عن متلازمة "ستوكهولم"(*) لأن في الأولى : إدراك لخطورة الجلاد + إستمتاع+ القدرة على التوقف! أما الثانية ينقصها الإدراك تماما و يتذبذب الإستمتاع فيها بالمزاجية وعدم القدرة على التوقف !! 

أنستازيا كانت متألمة نفسيا لأنها توقعت بمرور الوقت تنجح في معالجة التشوه الحادث في نفسية "كريستين" بالحب , ولكن بالرغم من ذلك لم تستطع إلا أن تنساق بعاطفة اللاختيار نظرا لشخصية كريستين الرائعة وقدرته على اغراقها في رعاية وأهتمام لم تجدها بين أفراد عائلتها للولوج في هكذا علاقة جسدية يعتريها المرض! و لم تستطع أن تخبر أحد عما تعانيه , ربما ليس تنمر هنا بالمعنى الحرفي لأنها وافقت بإرادتها على الإيذاء الجسدي, ولكنه يبقى تنمرا ! 

إن ممارسة قوة الشخصية على من هم أضعف نفسيا/جسديا/شخصياً فيما لا يخدم مصلحتهم يُعد تنمراً وعلينا أن نحمي أولادنا منه ونعلمهم المصارحة وعدم الخوف من عواقبها مهما كانت وخيمة! 

فبالأخير كريستين كان رجلا طيبا يقف على أرضية أخلاقية نوعا ما, لكن ليس كل التعساء الذين تعرضوا للتنمر في العالم محظوطين كحظ "انستازيا" ...التي,وفقا لمعايير الـ  "النسوية Feminism" التي لزم على المخرج إظهارها في وقت غير متوقع البتة بالفيلم تفلح في مغادرة الوغد "كريستن" للأبد! 

مصادر:

No comments: