Wednesday 13 August 2014

مقال علمي: "سلاح سحرة فرعون" ... انها الكيمياء يا سادة || هبه حداد

Share on Tumblr
هل شاهدت قط عملية تحلل ثيوسيانات الزئبق ! بتسخين هذا المركب يزداد حجمه بشكل واضح إلى أن يتفكك عند الدرجة 165°س إلى الزئبق والنيتروجين وثنائي كبريتيد الكربون.

العملية الكيميائية :
2Hg(SCN)2 → 2HgS + CS2 + C3N4
واسمها العلمي
Mercury(II) thiocyanate decomposition

قد يبدو الأمر كأنها مسألة وقت وينب لهذا “الوحش الناتيء” قدمين ويبدأن بالركض نحوك ومهاجتمتك! تسمى هذه العملية الكيميائية بـ”الأفعى الفرعونية” , ربما لما يمر به تشكيل هذا الجسم الناشيء من اصفرار باللون و والتواء متكرر ومتفرع يبعث بالنفس شعورا بالخوف والتوجس خيفة الأصابة بمكروه , هذا ونحن قد رأينا بأعيننا انها مجرد مادة “مسحوق” تم اخراجها امامنا من زجاجة ما, ولدى البعض معرفة مسبقة انها عملية كيميائية , فمابالنا بمشاهدي العرض السحري الذي قام به سحرة فرعون لترويع نبي الله موسى وضحد إعجاز نبوته! اولئك السحرة “الفراعنة” لم يكونوا إلا مجموعة من كبار العلماء ضالعي المعرفة والحيلة , وهو ما بُنيت بفضلهم كل الإنجازات الفرعونية التي لم يتوصل لسرها إلى الأن احدا , اللهم إلا من بعض إرهاصات يشوبها التخمين اكثر من اليقين بالعلم. فعلم اولئك الواسع ربما كان ذلك هو سبب سرعة استجابتهم لإعجاز نبوة نبي الله “موسى” و تلهفهم للدخول في دين الله “الاوسع علما” عما تفتقت عنه عقولهم النيرة.

وهذا يقودنا للسؤال”هل كانت عصاة “موسى” تفاعلات كيميائية هي الأخرى”؟ المعروف ان الشئ المعجز غير خاضع للعلوم الطبيعيه المعروفه وغير غاضع لمنهج دراستها , لانه يفقد اهم شيء وهو التكرار والتحكم بها, اما الاعجاز لابد ان يكون مدرك بالحواس , انما آليه الاعجاز لا يفسرها المنطق! فمما لاشك فيه من مشاهدات رد فعل السحرة, ان عصاة موسي من نوع الاعجاز المطلق الذي هو علم رباني لم يصل له علم بشر قط, لانها لو كانت مجرد علم موضوع بطريقة او باخري كان السحرة فطنوا لذلك و لم يسرعوا بالسجود لرب موسى “المستحق بالعبادة ” لدلائل الإعجاز في خلقه التي فاقت تصورات “المنطق” المدروس بعناية مسبقة كالـ “الحبال والعصي” حيل سحرة فرعون التي أكلتهن عصاة موسى !

وهذا قد يسوقنا لسؤال انطولوجي “لماذا لم تتحول عصاة موسى لتنين؟ او لتمساح؟ لماذا كان الأختيار تحولها لأفعى؟”ولماذا خاطب الله “عز وجل”, سيدنا موسى قائلا “ألق بعصاك” , ولم يقل له انظر لعصاك بيدك ها قد تحولت؟! وكأن الامر يشترط حدوث فعل ما لتكتمل عملية التحول من عصا “جماد صلب من الخشب” لأفعى “كائن حي مٌتحرك” , ولا تقل ان الله اشفق على رد فعل سيدنا موسى, لأنه كليم الله , حيث نزل الله سبحانه وتعالى على الجبل مخاطبا بذاته العلية موسى فخر مغشيا عليه! ولمعرفة ذلك لابد من دراسة ميكانيزم (العصاة الأفعي) لمعرفة سبب عدم تحولها لشيء اخر ! لكن ذلك سيفوق حدود ما بأيدينا من آليات. وربما عدم تحولها لأفعى أو تنين يؤهلنا للمفهوم المنطقى لعملية “التلقف” ويعطيها قدر من المعقوليه السببيه تخرج بها عن اطار المعجزه وعالم الغيب لذلك كانت عملية التحويل الى جنس ما به يسحرون اعين الناس , فالله عز وجل , علم بعلمه القديم الذى لا يدركه عقل , بصنيع السحرة من خدعة “حبال وعصي ثيوسيانات الزئبق” , فأتاهم بشيء يفوق صنيعهم إدراكا ولكنه لا يختلف عنه في الماهية.

وهنا نصل للحقيقة المثبتة ان العارفين بالعلوم الطبيعية اكثر تمييزا -من غيرهم- بإدراك المعجزة , حيث قال الله تعالى : ( إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ ) فاطر/28 . ولهذا ألقي السحرة ساجدين مؤمنين برب العالمين رب موسى وهارون , فيما بقي “فرعون الجاهل و الغير مميز بين السحر و المعجزة” على كفره !

يذكرنا هذا بحادثة طريفة لما دخل جهاز “الراديو”مصر , اصاب الناس دهشة كبيرة فقالوا: “دا الحديد بيتكلم ولا الناس مزنوقة فيه” !!

No comments: