Wednesday 13 August 2014

مقال: ازمة حرب "السويس: "منين يودى لفين" || هبه حداد

Share on Tumblr
اقوم بالاشراف على بحث لطالب عراقي يدرس باحد الجامعات الهولندية عن “ازمة السويس” , ولما كانت تسمية البحث الذى قررته المشرفة الهولندية سبب المناقشة المحتدمة ,فأنني لم اقبل ان اشارك في نفس التسمية لازمة السويس و تغيرها لاسمها الحقيقي “حرب السويس 56” , ولكن من وجهة نظر مشرفته الهولندية الناطقة بالعربية , ان الاوروبين ينظرون للمسألة على انها ازمة اجتاحت الرأي العام داخليا في كل من بريطانيا و فرنسا , بينما لم يكن لما تدعى اسرائيل اى داخل يذكر ليقاوم الحرب , لأن قرارها كان يأتي من قصور الساسة البريطانين ودور عبادة حاخامات الرعيل الأسرائيلي الأول , وعلى صعيد اخر قامت امريكا بوضع الحياد المتأمر المشارك سرا ! المشرفة الهولندية تنظر للأمر كونه ازمه لان الامر لم يتعدى كونها مجموعة من المظاهرات التى أدت في الاخير إلي استقالة رئيس وزراء !! اما الحرب فليدونها من ذاقوها!

والبداية اتت عندما قام رئيس الوزارء البريطانى وقتها انذاك “أنطوني إيدن” , (و الذى يذكرني اسمه بإسم استاذ مادة الجغرافيا بالمرحلة المتوسطة) , بعقد مؤتمر الحرب بينه وبين القائمين بالسلطة وقتئذ بفرنسا ضامين معهما اسرائيل بينما تغاضت امريكا عن الاشتراك فيه و لكنها ايضا لم تمنعه , و كانت نتيجة المؤتمر المبنى على استخبارات MI6 البريطانية و التى كانت ترسل تقاريرها لعاصمة الضباب لندن لاستشعارهم الخطر في ما سيقدم عليه “ناصر” بالأتيان بقرار ذى توابع خطيرة كتأميم قناة السويس و فسخ التعاقد بتأجيرها لمدة 90 عاما و التى صدق عليها الخديوى “اسماعيل” لبريطانيا في العام 1860 , حيث من المعروف ان بريطانيا بنظام وضع اليد و بعد غزوها مصر في اعقاب دحرها للقوات الفرنسية في موقعة نورمادى اصبحت مسيطرة تقريبا على كل بلدان حوض البحر المتوسط , ولكنها أثرت ان تركز عملها الاستعماري على مصر والسودان فقط لما لهما من اهمية , فالملاحة في قناة السويس في مصر قد قصُرت على سفنهم التجارية الاتية من الشركة الشرقية الهندية إلي ومن بريطانيا و اوروبا دون المرور حول رأس الرجاء الصالح جنوب افريقيا و الذى كان يعرضهم لحروب طاحنة مع “بزنس” انتشر وقتها وهى القرصنة على سفن الاستعمارين و السطو على كل ما فيها , و هو الأمر الذى كبدهم خسائر ماقد سرقوه من خيرات البلدان التى استعمروها و نهبوا ما فيها بالشرق.

اسباب تأجير القناة لبريطانيا قد تكون غير مفهومة و خاصة انها كانت فكرة فرنسية اشرف عليها مهندس فرنسي متخصص وهو “دى ليسبس” وتنازل فرنسا عنها بكل سهولة امرا له حيثيات ابعد من موقعة “نورماندي”, ولكن كان تمكين بريطانيا الاستعمارية ببلدان البحر المتوسط بعد هزيمتها القوات الفرنسية التى تقاسمها الكعكة كبير الاثر في تلكم القسمة الضيزى , و اتفق الاستعماريون جميعا ان بعد تأجير القناة لبريطانيا من قبل الخديوي اسماعيل الذى سدد ثمن اثوابه تلكم التي حضر بها احتفالية افتتاح القنال “اوبرا عايدة ” والتي ألفها خصيصا لتك المناسبة الموسيقي الإيطالي “فيردي” , من دماء و جثث المصريين و حقوقهم بأرضهم!

فاتفقت بريطانيا مع باقى الاسطايل الأوروبية على اخذ نسبة على العبور او التسكين بالقنال , دون الرجوع إلي اصحاب الأرض الذين حفروها بتجريدة “صعيدية” مؤلقة من حوالي مليون مصري اتوا بهم مكبلين بالحبال مجرورين من حقولهم و نجوعهم من اقصى الجنوب مشيا إلي السويس , فكان موتهم على كل جانب و لكل سبب علمناه ومالم نعلمه!! نعم يا سادة قناة السويس صعيدية بحته , مُلئت بدمائهم وجثثهم قبل ان تملئها المياة. لعنة القنال تطارد المصريين انفسهم منذ بداية فكرتها و إلي اليوم لما لها من موقع استراتيجى جغرافي يجمع بين بحرين و ثلاث قارات يجعلها مطمع لكل من هب ودب !!

جدير بالذكر ان الحرب في السويس لم تتوقف لأي اسباب عسكرية او لوجستيكية في قوام الجيوش الثلاثة المعتدية , ذلك لأن قوام الخسائر في ثلاثتهم مجتمعين لم يتعدى ال1000 قتيل بينما تكبد الجيش المصري ما يفوق اضعاف هذا العدد بشكل يصعب حصره نظار لكمية الوفيات الكبيرة سواء من العسكريين او المدنين في مدن القنال محل القتال ,بالرغم ن قوام الجيش المصري كان يزيذ بمقدار 100 ألف مقاتل عن جيوش الجهات المعادية مجتمعة , وهو الامر الذي يضعنا على حقيقة استراتيجية سلاح المظلات الذي تفوقت به هذه الجيوش على سحق مدن القنال وإلحاق اضرار جسيمة بالعدد والعتداد المصريين!! وكان سبب توقف العدوان هو مظاهرات عارمة اجتاحت كل من بريطانيا وفرنسا وعواصم اوروبية اخرى ادت لأن يقوم رئيس وزراء بريطانيا “إيدن” بتقديم استقالته و تقوم امريكا بدورها بقيادة “ايزنهاور” المتنامي كقائد جديد للنظام العالمي لتحفيز الأمم المتحدة و جمعيتها العمومية بمطالبة كل من فرنسا وبريطانيا بالجلاء واسرائيل بسحب القوات لما وراء ما يسمى حاليا بحدود 67 لكن نكسة 67 لم تكن قد جاءت بعد وكانت تلك الحدود المزعومة هي “غزة” , ذلكم الجزء الذي كان يشمله الحكم المصري قبل قرار “ناصر” بأكل العسل رأسا من خلية النحل دون حساب خسائر ما قد يتسببه لدعها في بتر قطعة اخرى من جسد الوطن , ربما لأن ناصر نفسه كان يعتقد ان غزة فلسطنينة وعلى اسرائيل التعامل معها!

ولما كانت إسرائيل قد اتمت احتلالها تقريباً لكافة شبه جزيرة سيناء وقطاع غزة يوم 5 نوفمبر، فقد أعلنت موافقتها على قبول قرار وقف إطلاق النار، وعارضت بشدة سحب قواتها من سيناء ما لم تتم الاستجابة لمعظم مطالبها، ولكن الجمعية العامة أصرت على انسحاب القوات الإسرائيلية من الأراضي التي احتلتها في عملياتها الأخيرة دون قيد أو شرط، كما هدد الرئيس “أيزنهاور” إسرائيل بقطع المعونات الأمريكية عنها ما لم تلتزم بأحكام قرار الانسحاب فيما يشكل طبيبعة العلاقات الأمريكية الأسرائلية ابان صعود نجم امريكا كراعي لمصالح النظام العالمي الحديث وخفوت نجم مملكة الأسد العجوز “بريطانيا”, ذلك قبل ان تتدخل رؤوس الأموال الاسرائلية في قلب الميزان او قل تعديل الميزان لكفتها. وإسرائيل قد رفضت وقتها أن تُحرم كلية من ثمار انتصارها، ومن ثم عملت على الحصول على كل ما يمكن لها أن تحصل عليه، وربطت انسحابها بشروط، هي منحها ضمانات دولية لتحقيق الحصول على موافقة مصر على الدخول معها في مفاوضات من أجل تحقيق تسوية سلمية للنزاع القائم بينهما و منح سفنها حق المرور الحر في قناة السويس ومضيق “تيران”! وهذا بشكل او بأخر يردنا لسؤالنا الأول “ما هو الحدث الحقيقي وراء موقعة نورماندي وما تلاها” !!

No comments: