Thursday 14 August 2014

مقال: حكمة الله في استشعار الظلم || هبه حداد

Share on Tumblr
قد يظن المرء بربه الضيم , ولكن لله تدابير قاصرة على اذهاننا استحضار حكمتها في كثير من توقيتاتها الآنية , والظلم هو احد التدابير التي عهدنا الحق خارجا من جوفه وليدا ممتلأ بالحياة تاركا وراءه جيفة لا قيمة لها تذروها رياح العهد بالله وإدراك حكمته و الطمأنينة لما كان من أصل التدبير و تأنيب النفس على سوء اليقين !

ولن يكون مستغربا ان يصرخ المرء مجاهرا “ربي اني مغلوب فأنتصر” , فلا يجدن من غثاء السيل حوله من يُنقذ او يشتبك , فوالله لهي اصول المعركة ! معركة الخلاص والتخليص, فالعباد حقوقم كلها علاقات مرتبطة , اليوم ظلمت فغدا ستظلم لا محالة , واليوم ظٌلمتً فغدا سيلقي ظالمك نفس الظلم وربما اكبر ولا محالة. ولكن العقل يقتضي ان يجتهد الأنسان في دفع الظلم عن نفسه , وعن اخيه , وعن كافة المسلمين اذا ما استطاع لذلك , عملا او قولا! وللظلم ثلاثة وجوه لا رابع لهم, الأول هو معرفة الله , فلا حق ضائع في الدنيا إلا والله من وراءه مطالب عنك ايها المظلوم , والثاني , معرفة الناس , فعلى اعتاب ظلمك ستعرف جيدا موقع قدمك في النهر !! اما الثالث, فهو الأستكانة ومعرفة قدر النفس التي ربما افترت يوما بمقدرتها , على غريب او فقير او ضعيف , فساق الله لها من ينكل بها اضعاف ما فعلت لأستشعار قوة الله فوق قوتك المؤقتة التي ظلمت بها مظلوما بات بالأمس يدعو عليك !!

ولا تحسبن يا من ظُلمت بأن الله مضيعك في فسيح اشتباكات الحياة ومفاسد الخلق, لكنها اقدار يختبر بها الله قوة اليقين والتصديق بالوجودية و العمل على تدريب النفس على إدراك نواقصها الإيمانية و مواجهتها بما اقترفته ربما خطأ او عمدا بادى الأمر , وتخرج من ظلم منسلخا من الإثم و الحزن معا كالذي ابدله الله جلدا غير جلده , وإدراكا غير إدراكه , بينما الروح محلقة بفضاء اليقين و قد عٌدت في مصنع الألوهية خير إعداد وتسلحت بأخطر سلاح عرفه الإنسان وهو “الإرادة” !! تلك الإرادة التي جعلت لسيدنا يوسف مكانة في السجن وسط الرعاع وهو الكريم بن الكريم بن الكريم والأولي بالإنصاف من الله و الأجدر بدلالات الحق الأبلج و معجزات الأله الخارقة , لكن الله لايعامل اصفيائه خاصة والمسلمين عامة كما يعامل الرجل الطفل, بأستغباء , فالله يدرب فينا الفهم , وإدراك الأصل و إحساس معنى البلية و الدفع للسعي وراء الخلاص. فيوسف النبي بالرغم من دلالات برائته إلا ان “قضاء الطاغوت” ابى إلا ان يسجنه حتى حين! فتولد من ظلمهم له , لسانا ينطق بالحق , ولو متأخرا, في وقت , كان العمل فيه هو لسان حال يوسف , يدعو إلي الله بالقول والعمل, فلما جاءته البشري بالإفراج لم يسرع لها ولم يأبه , وكان جل همه ان يبرأ سيرته المعطرة من قصر مفهوم ظلمهم الأثيم ودناءة فعلتهم للحد الذي جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول “عجبت لصبر أخي يوسف وكرمه -والله يغفر له- حيث أرسل إليه ليستفتى في الرؤيا، ولو كنت أنا لم أفعل حتى أخرج، وعجبت لصبره وكرمه -والله يغفر له- أتى ليخرج فلم يخرج حتى أخبرهم بعذره، ولو كنت أنا لبادرت الباب ” (صحيح الألباني).

وقضيتنا هنا هو التدبر في ما وراء الحدث دون الخوض في ارهاصاته, فأصل بلاء الهمة هو التسويف , فهي من النواهي في القرأن والسنة ! والتسويف في حالتنا هو الإرتكان على نتائج مالا تصلح من الأصل تجربته , وكأننا نذعن وبعين الصغارة ان يستعملنا احدهم في قول او فعل , ليستنتج حسبما ارتضته اهوائه قول او فعل, وساعتها ستكون اجابة ضمنية منا اننا ارتضينا بالصغارة و تركنا ماهو اوسع من ذاك المنظور الضيق!! فالمرء اذا عمل لقضية ما , لحري به ان يجد اغلى ما فيها فيتمسك , اما الزائلات فهن عارضات لا يكدن ينتهين من سير الحوادث , فلا اصل لهن ولا اعتبار. وللدم حرمة تسقط بمضاهاتها اي اعتبارات رمزية كانت على الحق بائنا بائن ام اشتبه على الجمع احقيتها , فلزم وقتها الاشتغال بما هو أولى عن ماهو نتاج حاصل , حيث قوله تعالى: {وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ (((عَمَلَكُمْ))) وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ} ( “”“التوبة”“” 105) !!!

No comments: