Tuesday 31 March 2015

أسهل الطرق لقراءة أكثر من 100 كتاب في عام واحد | هبه حداد

Share on Tumblr
تقريبا ، لقد قمت بأختراع طريقة جديدة لإنجاز تحدي القراءة بمعيار معين خلال عام!
"كل ما قابلك كتاب و وددت قراءته أشرع فورا فيه، ولا تنتظر انتهائك من اخر، واذا مللت منه، اتركه و ابدأ فورا في غيره، وهكذا"!
الطريقة لها عدة مساويء أهمها التشتيت، و خاصة لحديثي العهد بالقراءة، لكن على المدى البعيد لها عدة فوائد:

١-لا مجال للملل بطريقتي هذه! لأن معظم مشكلة القراءة هو الضجر من المقروء وخاصة تلك الكتب التي تتراوح عدد صفحاتها من 200 لما فوق، لذا لما يتعين علي ان أظل برفقة كتاب واحد طالما بمقدوري قراءة عدة كتب! إلزام النفس بإنهاء كتاب معين في مدة زمنية معينة قد يفلح لوقت ما لكن بعدها ستصاب بضجر غير طبيعي لذا وجب التنوع.
٢-تنشيط قدرة الذاكرة و الذاكرة الفوتوغرافية عن طريق تنبيه دماغك بفقرات من كتاب واحد على فترات متباعدة والتفريق بينها وبين فقرات كتاب اخر، وخاصة لكتب نفس التخصص او المجال، و ساعد ذاكرتك عن طريق تدوين اسم كل كتاب بدأت فيه في تدوينة جانبية حتى تظل مدركا لعدد الكتب التي يتوجب عليك إنهاءها, كما يمكن الأستعانة بورقة أو علامة تحدد لك صفحة الوقوف , وهناك خدعة أيضا بكتابة جملة بسيطة بالقلم الرصاص أو عن طريق ال note (إذا كنت من هواة القراءة الألكترونية) تذكرك حتما بأخر ما قرأته من الكتاب حتى تسهل عليك الأستدراك حين العودة.
٣-بالاضافة للتنوع، كذلك لديك عام كامل لتنهي كل كتاب ، بدلا من شهر مثلا قد حددته سلفا لإنهاءه، أليس ذلك رائعا؟

أيفون 6 أم شهر بأسطنبول

Share on Tumblr
في أي السبيلين ستجد سعادتك المنشودة ؟!
أفي تبديد أموالك في الحصول على أحدث الأجهزة الإلكترونية أو أندر الأنتيكات أو أفخم الملابس أو أكثر السيارات سرعة و تقنية !! أو ربما بعض الكتب النادرة أو الصادرة حديثا !!
أم تنفقها , بحكمة في أمور أخرى , بُغية "التجربة" !! تلك التي يدوم أثرها في نفسك طويلا .. ويظهر مردودها على تحسن مزاجك وعلاقتك بالآخرين..
أن تسافر بلدا لم تزره من قبل , وتجرب أغرب صنوف الطعام التي لم تعتادها "معدتك" , أو تمشي بشوارع يكسوها المطر أو الثلج أو الغبار !! فتارة تطفو فوق مياه إحدى الجزر النائية محاطا بالدلافين , أو تهبط من علٍ بالبراشوت في إحدى الساحات الخضراء !! تغوص بالأعماق بين الأسماك المتوحشة و المرجان , عرش ملك البحور !! أو تحضر أقوى مبارايات الدوري الإنجليزي, فتشجع فريقك , وترشق الفريق الأخر بالبيض "الممشش"!! تنام في خيمة منصوبة بين أشجار الشاي في إيران وتسيح بين أسواقها الممزوجة بالبخور وعرق الكادحين!! أو تصلي بإحد مساجد الداخل الأفريقي الوعر .. لتلقط "سيلفي" مع أول أسدٍ مار !
تمر بتلك الدروب التي مر بها أسلافك لفتوحات الهند و طريق الحرير وصولا لثلوج سيبريا التي لا ترحب بالوافدين !!
أظهرت إحدى الدراسات النفسية الحديثة التي أجرتها مؤخرا جامعة كورنيل أن حديث المرء عن تجاربه التي أكتسبها عن طريق ممارسة كل جديد , مهما كانت قاسية, من شأنه أن يرفع من حالته المعنوية, وتعزو الدراسة ذلك لقدرة الحديث "الفضفضة = المشاركة بالسرد " عن التجارب الجديدة للناس في مساعدة المرء على بناء شخصية سليمة قادرة على التغلب على أيةِ صعوبات قابلها في خوضه تجاربه تلك مهما كانت قاسية / أو مرهقة! فيرتفع بالتالي منسوب السعادة لديه.
كما يوجد سبب أخر يجعل من إنفاق الأموال في الحصول على تجارب جديدة أكثر "نفعاً" من إنفاقها في تكديس حياتك بأشياء كثيرة لا داعي لها , وربما أغلى ثمناً , و لا تضفي على حياتك بالنهاية نسبة 10% من تلك السعادة التي تحصل عليها من تجاربك , ألا وهو مشاركة تجاربنا مع الآخرين تجعلنا أكثر قدرة على الإندماج الإجتماعي, وبالتالي علاقات أكثر مرونة و رسوخا.

نتائج تلك الدراسة , أضافت بعداً أخر لجدلية "إسترلين" (Easterlin Paradox), نسبة لبروفيسور علم النفس "ريتشارد إسترلين", والذي ربط السعادة التي يشعر بها أحدهم بدخله , قائلا " ترتبط سعادة الفرد بدخله المرتفع, لكن على المدى الطويل, لا يضمن استمرار إرتفاع دخل الفرد زيادة سعادته" ! إذ حتى الدخل المرتفع , بناء على نتائج تجربة جامعة كورنيل , لا يضمن نفس مردود السعادة نتيجة أختيار في أي سبيل ستنفقه !!
لذا قبل أن ترتكب جنونا مثل شراء "أيفون 6 " فكر ملياً بما قد تبتاعه لك 6000 آلاف جنية مصري من سعادة أنت تعرف جيدا أنها ستدوم أكثر .. كقضاء شهر بـ"أسطنبول " مثلا !!

 هبه حداد
مراجع: 
1) مقال عن دراسة جامعة كورنيل: http://www.fastcoexist.com/3043858/world-changing-ideas/the-science-of-why-you-should-spend-your-money-on-experiences-not-thing
 2) جدلية "إسترلين" : http://en.wikipedia.org/wiki/Easterlin_paradox

Friday 27 March 2015

مسلمو أمريكا الأوائل | بيتر مانسيو | ترجمة وتعقيب: هبه حداد

Share on Tumblr
أستهل "بيتر مانسيو", صاحب كتاب "أمة واحدة, وآلهة عدةٍ : تاريخٌ جديد لأمريكا" , مقاله المثير للجدل بـ "نيويورك تايمز" بعنوان "مسلمو أمريكا الأوائل" بالجملة الإعتراضية "لم تكن المرة الأولى لتواجد إمام بإحدى مسابقات "الروديو"! 

والسبب الذي دفعه لكتابة ذلك المقال هو حادثة منع لـ "مجاهد بخاش" إمام الجمعية الإسلامية المحلية, بمقاطعة "تارنت" بولاية "تكساس" الأمريكية, من القيام بمراسم الدعاء لمباركة الجياد, و الخيالة و بعض رجال الجيش بأحدى سباقات الروديو "بفورت وورث" وفقا لما طُلب منه , وذلك بسبب ردة فعل الجمهور الحاضر, حيث قُوبل بموجة عارمة من صيحات الجمهور وشكاوى كثيرة على وسائل التواصل الإجتماعي إذ ذكر بعضهم تبريراتِ كـ "ليس من المقبول أبدا وجود شعائر للديانة الإسلامية في مناسبة إجتماعية يحضرها كل الأمريكيين من مختلف الخلفيات الدينية" , و "رعاة البقر لا يأبهون لأي صلواتٍ للمباركة " !! فتعالت جراء ذلك الموقف الأصوات المنددة بشعارات معادية للإسلام! ومضيفا, أشار مانسيو, "وقبل أربعة أيام من إلغاء مراسم الصلاة والدعاء لجلب البركة وفقا للشعائر الإسلامية للإمام "بخاش", قام بعض المتظاهرين بعاصمة ولاية تكساس "أستن" بإعتراض أحد المهرجانات العامة لإنزال المتحدث, المسلم , من على المنصة , هاتفين "لأ أسم يعلو "المسيح" بـ "تكساس"! بينما تم إلغاء قرار "رفع الأذان" بجامعة "ديوك" بولاية نورث كارولينا بعد تلقي تهديدات شغب , فقط قبل أسبوعين من حادثة "ريديو بورت فورث"! في الوقت نفسه قام عمدة "لويزيانا", جمهوريُ الإنتماء الحزبي, "بوبي جيندال" , بالتصريح "إن أراد المسلمون الأمريكيين إرساء ثقافتهم وقيمهم الدينية, فعندئذ سيكون هذا "غزوا" وليست "هجرة" " "!
ويستطرد مانسيو قائلا "بغض النظر عن تلك العصبية التي يظهرها عامة الأمريكيين تجاه الإسلام, فالتصريح أن غزوا مسلما سيستحوذ على بلدٍ ذات أغلبية مسيحية لأمر لا أساس له في الواقع. وعلاوة على ذلك, فهناك فكرة يُراد تمريرها مفادها "عداء الإسلام للأمريكيين"! ومن المدهش أن نعرف أن وجود المسلمين بأمريكا ليس جديدا بل توافد الآلآف منهم قبل تأسيس الولايات المتحدة الأمريكية. وتم تجاهل أولئك المسلمون الأوائل بشكل فج نظراً لحرمانهم من ممارسة شعائر دينهم لأنهم إذ لم يكونوا أنفسهم أحرارا وبالتالي حُرمت عليهم ممارسة معتقادتهم, بيد أن ما خلفوه من تراث يؤكد أصالة شعائر الإسلام بجذورها الضاربة في التاريخ بأمريكا , بالرغم من كون معتنقيها من أكثر الجماعات التي تعرضت للقمع في تاريخ البلاد, وليست كما يحاول المعادون للأسلام تروجيه كديانة دخيلة على الثقافة الأمريكية جلبها المهاجرون معهم".
وبدأ مانسيو في ذكر نماذج من أوائل المسلمين الأمركيين , فأضاف "في 1528، قَدِم المغربي "إستيفانيكو" , العبد حينئذ, مع فرقة من المستكشفين الإسبان ليمكث بالقرب من المدينة المعروفة حالية بـ "غالفستون" بولاية تكساس!  و في مدينته الأصلية التي نشأ بها "أزمور" ، كانت معقلا للمسلمين ضد الغزو الأوروبي حتى سقطت وتم أسره شابا, وأطلقوا عليه بعد الاستعباد أسما مسيحيا، إلا أنه هرب بالنهاية قاصدا الجنوب الغربي الأمريكي و مستوطنا فيه".
وأضاف, "بعد ذلك بمئاتي عام, قامت جماعة من ملاك الأراضي الزراعية في لويزيانا بإمتلاكهم العديد من العبيد الذين تم جبلهم من مناطق حوض النيل خصيصا لبراعتهم في زراعة الأرز النيلي , حيث لاحظ الباحثون وجود أسماء وألقاب إسلامية في سجلات تجارة الرقيق القادم من المستعمرات و سجلات الوفاة. ولعل من أشهر المسلمين الذين عبروا ميناء "نيو أورليانز" هو عبد الرحمن إبراهيم إبن صوري, الذي كان أميرا في موطنه فلفتت محنته في العبودية إنتباها واسعا. حيث ذكرت إحدى الصحف وقتئذ قراءته للإنجيل وإعجابه بمبادئيه , فكانت إعتراضاته الوحيدة هي أن المسيحيين لا يتبعون تعاليم الإنجيل. ومن بين أولئك المسلمون المستعبدون في شمال كارولين, معلم ديانة يدعى "عمر إبن سعيد", الذي أُعيد للأسر في 1810 بعدما نجح في الفرار من سيدٍ قاس كان يصفه عمر بالكفر. فعٌرف عمر بكتاباته بالحروف العربية على جدران السجن, فاعاد كتابة قصة حياته عام 1831 شارحا حبه لقراءة القرآن حينما كان حراً و إجباره على التحول للمسيحية من قبل مالكية بعدما سقط في الأسر والعبودية! "
و دعم مانسيو مقاله بقوله "إن قصص المسلمين الأوائل في أمريكا ليست قاصرة على عدد من أفراد معزولين عن التاريخ الأمريكي, بل إن ما يقدر بـ 20% من الأفارقة الذين تم إستعبادهم كانوا بالأصل مسلمين, و كثير منهم سعى قديما وحديثا لإعادة خلق المجتمعات المسلمة التي عهدوا العيش في كنفها قبل الأسر. فولاية "جورجيا" حاليا, منضمةً لأكثر من 12 ولاية أخرى لتناقش إضافة الشريعة الإسلامية للأحكام القضائية! إذ يرى الباحثون القانونين, متانة تلك الأحكام نظرا لعدم تأثرها بالحداثة التي فرضتها ظروف المعيشة على الأمريكيين , فبعيدا وفي ظروف الآسر عاش أولئك المسلمون تحت قيادة زعيم روحي يحافظ على الأحكام "مكتوبةً" بمنآى عن التحريف".
مشيرا لأمر في منتهي الأهمية , أضاف مانسيو "فدليلا آخر عن وجود أولئك المسلمين الأمريكيين الأوائل عُثر عليه في أدبيات أحد المبشرين للإنجيل الذين أعتادوا السفر عبر الجنوب نحو مزارع العبيد, حيث ذكر "إن العديد من المحمديين الأفارقة, أوجدوا أساليبهم الخاصة في تجسيد "الإسلام" بإطار العقيدة الجديدة التي فرضت عليهم فرضا "المسيحية", فالرب يطلقون عليه أسم "الله", ويسوع المسيح لديهم هو "محمد""! ويتخذ البعض من تلك المقولة دليلا على عدم قدرة المسلمين الإندماج مع الثوابت الدينية للبلد الجديد, إلا أن العكس هو الصحيح حتما.  فلقد أدرك المسلمون المستعبدون أهمية ممارسة إيمانهم في كل مكان يتواجدون فيه, حتى وإن كان ذلك في بلد نايءٍ عن مواطنهم التي أعتادوا فيها سماع الآذان وإقامة الصلاة ذات يوم". 
ويختتم مانسيو مقاله بقوله " إن الإسلام لجزء من تاريخ أمتنا, فهو عقيدة يعتنقها ليس فقط المستعبدون الأوائل من الأفارقة , ولكن أولئك العرب المهاجرين الذين بدأوا بالوفود إلى أمريكا منذ أوائل القرن التاسع عشر, فيما قام العديد من الأفارقة الأمريكيين, الذين أعتنقوا بالتوارث المسيحية التي فرضت على أسلافهم, مع أزدياد مساحة الحريات الدينية بالقرن العشرين بالرجوع لديانة أجدادهم.
فمن منظوره , يدعي مانسيو بأن الإسلام أمريكي مثله مثل سباقات "الروديو" , فكلاهما تم إستقدامه إلا أنهما حاليا يمثلان فيما لا يدع مجالا للإنكار جزءا من الثقافة الأمريكية, بغض النظر عن إستعداد متظاهري تكساس العنصريين عن قبول تلك الحقيقة أم لا, فلا مناص من أن بعض المسلمين سيتيحوا لأطفالهن أن يكبروا ليكونوا رعاةَ بقر, أو ربما يعتنق بعض من رعاة البقر المعروفين بسباقات "الروديو" الإسلام!!"
مصدر المقال: http://goo.gl/kswGtD

التسليع , ومفهوم الأرض الوسيطة - هبه حداد

Share on Tumblr
في مناقشة حامية الوطيس بين بعض أقطاب نشر الكتب الإسلامية في مصر والعالم العربي على أحد مواقع التواصل, أستخدم البعض مفهوم "التسليع" كتبرير لإنتشار تجارة المكتبات الحديثة التي تقوم على بيع الكتب "البيست سيلر" بدلا من الإعتراف بإزدياد على إعتناق ثقافة القراءة بين الجمهور.
وفي رأي , مبدئيا , للفصل بين معارك المفاهيم , يمكن تفكيك مفهومِ كالتسليع = غرز الحدث كقيمة ثابتة من ضمن الثوابت!  على عكسه نجد "التسويق" أو "الترويج" , لأي حدث معنوي "كالمثلية" أو مادي "كالكتب" مثلا, وهما مجردا مفهومين تجاريين تفرضهما أسباب السوق و القاعدة الجماهرية المتحكمة في ذلك السوق!
إنتشار سلاسل المكتبات على غرار النمط التسويقي يدخل في نطاق "إنتشار التسويق" أو "الترويج" , سعيا وراء ما أحدثه إنتشار الكتب بين الناس من رواج مادي, وهو ليس تسليعا! .. لأنه لو كان كذلك لرأيت خيار "الجزار" البديهي في إفتتاح باب رزق هو "مكتبة" بدلا من "محل للجزارة" ! أي أنها لم ترقى لتكون قيمة مغروزة في سجل القيم المجتمعية المصرية إلى الآن..
     والسؤال , بعد حل جدلية التسليع المغلوطة هنا , هل إنتشار ثقافة القراءة بين الناس و الشباب على وجه الخصوص كان سببا في إنتشار سلاسل المكتبات, أم العكس !
الإجابة في رآي , أن إنتشار الفعل , جلب ردَ فعل ! أيً كان الباديء !
فالكتب الإسلامية على سبيل المثال , غزيرة الإنتاج منذ الثمانينات أو ربما قبل ذلك, وكان لها جمهورها المعروف الذي بأستطاعته التعايش في الظل معها , إلا أنها لم تدخل مضمار لعبة "التسويق" إلا مؤخرا , فبات لها نجوم تمثل في حداثتهم تلك الرائجة بين أطياف المثقفين العمومين (ذوي  الإهتمام الغير الإسلامي من الأدب و العلوم وغيرها..)
مثال: السمنة في الخليج من اكثر الأمراض ذيوعا, بعضهم أرجع ذلك لأنتشار ثقافة الفاست فود , إلا أن البيوت الخليجية معروفة بالمحافظة على طقوس الطبخ المنزلي بشكل يومي ( و الكوزين الخليجي لم تدخل عليه إضافات دخيلة تقلل من فرص الأصابة بأمراض القلب والسكر نظرا لدسامة مكوناته كما حدث مثلا للكوزين المغربي نظرا للأستعداد الفطري بأستخدام مكونات أكثر صحة كزيت الزيتون بالإضافة للأختلاط الثقافي الفرنسي) , بالرغم من ذلك تجد أن سلاسل الفرنشايز الخاصة بالمطاعم الفاست فود في تزايد مخيف!
هل السبب وراء إنتشار السمنة "=رد الفعل" في هذه الحالة إنتشار المطاعم (=كفعل) , (بالرغم مما ذكرناه من دسامة الكوزين الخليجي أصلا) أم إنتشار ثقافة "السيولة المادية" (=كفعل)! في رأي هي الأخيرة بكل تأكيد .. فنجد أن الخيار الأول لأي مستثمر بالخليج هو فتح مطعم , بالرغم أن المكتبات على ندرتها لها مدخولاتها الشهرية المتزايدة وجمهورها الثابت وشهرتها الثقافية المعروفة ! 

وعودةٌ للنموذج المصري, فأنتشار المفهوم الحداثي المصاحب لبريق "المكتبات", أيً كانت ما تقدمه من روايات دون المستوى و كُتب تُشبع الرغبة "السبكية" للجمهور, كما يروق للبعض أن يعرفها, (إلا أنها في النهاية أدت إلى رواج كيان "الكتاب" نفسه !) هي خطوة مبدئية جيدة في سبيل رفع مستوى القراءة بشكل عام! بالرغم من أصالة جمهور الكتاب "الإسلامي" العاكف بالظل منذ عشرات السنوات و إزدياده عاما تلو آخر في صمت (نظرا لسياسات القمع و المصادرة التي مارستها النظم السياسية على المفكريين الإسلاميين)! ولم يُشَرعَن لـ"الكتاب الإسلامي" دخوله ساحة الشهرة بخطوات واثقة إلا بإمرين:
1-    أهتمام غير ذوي الإيدولوجية الإسلامية من المفكريين بالكتابة عن تلك الإيدولوجية , على أختلاف الدافع دفاعا أو قدحا ! فأستدرجوا معهم جمهورهم نحو المنطقة الوسط بين الثقافة العامة (مما برعوا بالكتابة فيه), وبين الأرض الوسيطة من المواضيع التي تفصلهم عن "معاقل" التوجهات الإسلامية التي لا يفك طلاسمها إلا أصحابها!
2-    إقتحام المفكريين الإسلاميين مجالات الثقافة العامة , من نقد شعري وأدبي و وأجتماعي في محاولات "بايونيرية" , كانت في معظم الأحيان موفقة إلى حد ما, لفرض الطابع الإسلامي على مفاهيم الثقافة العامة من منطلق "فإن لم تستطع فبلسانك" !! وأولئك جلبوا معهم جمهورهم العرمرم من القراء والمريدين لنفس الأرض الواسطة بين الثقافة العامة بكل جوانبها المباحة, والثقافة الإسلامية بشفراتها المفككة وفقط من قبل المنتمين لها بالدم و الفكر !
وعلى ما تقدم , نشأت تلك المنطقة المحايدة بين المُعسكرين لينشأ مفهوم حداثة المواضيع, وتبسيطها و إنتشارها بالتبعية بين الجمهوريين !! الأمر الذي ألتقطه "التجار" من الجانبين واستثمره مستغلا الرواج الحادث للكتاب الإسلامي "اللايت" والمواضيع "المودرن-إسلاميست"بين الطرفين (ولسنا هنا في معرض أولئك التجار , فالتجارة تسعة أعشار الرزق وإن كره الكارهون! بغض النظر عن سوء الإستخدام المنتشر بين المثقفين لتوظيف نقد الرأسمالية على كل شيء بنفس أسلوب "التشيو" السهل الإستخدام!)
وبالنهاية نجد, أن جمهور الـ "the middle earth"هو صاحب المبادرة في خلق ثقافة المكتبات وليس العكس من منظور "تروجي" يرقى عن مفهوم "التجارة" بما يصاحبه من نظرة سيئة السمعة! فأستعرض الأمر دخولا للتطوير , كأي شيء بالحياة, فأصبحت دفة قيادة السوق بأيديهم, وهو بالتأكيد ليس تسليعا, لأن تاجر المكتبة "الغير مخلص, والمُحدث في الصَنعة" إذا ضربته سنين عجاف سيقلب مكتبته محل "فول وفلافل" بلا أدنى تردد!
وفي مقارنة كوميدية بين واقع المكتبات في مصر و الخليج, نجد أن خيار إفتتاح مستثمر مصري مكتبةً , في الآونة الأخيرة, من نفس المنظور ما بعد الحداثي كما ذكرنا آنفا, سيفوق خيار الخليجي, البديهي, في إفتتاح مطعم...! هل نستطيع عندئذ أن نزعم أن الكتاب للمصري بات أهم من "الطعام" !!!
تلك جدلية أخرى ..ربما يعجز توظيف هرمية الحاجات لماسلو على حلها !

Wednesday 25 March 2015

إمامةُ أصحاب "قوس قزح" (آئمة المساجد المثليين) | هبه حداد

Share on Tumblr


في سياق حديثنا عن الإنفتاح الذي قام به الغرب خلال السنوات الخمس الأخيرة بأحتواء المثليين إجتماعيا و سن القوانين التي تسمح لهم بالزواج المثلي و حصولهم على كامل حقوقهم في البنوة و التبني و الميراث و العمل , والتي ربما حظوا بمعظمها تحت ضغط عدد لا بأس به من جمعيات مدنية لا تتبع أي من الديانات كالمسيحية او اليهودية, والتي هدفها الأساسي ليس فقط التعريف بحق "المثلي" في الحظي بحياة شبية بتلك التي يعيشها الرجل "المستقيم" بل و دمجه بالمجتمع دمجا كاملا ليصبح شخصا فعالا كأي إنسان عادي! فلا نكاد حاليا نشاهد فيلما أو نتابع مسلسلا أو نتصفح أخبارا عالمية إلا ونجد فيها من القدر غير القليل عن حقوق أولئك المثليين و الزج بفكرة تقبلهم للجمهور زجا بشكل أو بآخر , ومحاربة فكر رفض الجنسية المثلية "homophobia " على أعتبارها صنفا من صنوف العنصرية "Racism", وهي النغمة التي عَلى صوتها بشكل كبير سواء مدنيا أو إعلاميا على عكس ما كان معروف منذ عشر سنوات مثلا من نظرة تحقيرية وتهكمية لتلك الفئة (LGBT).
ربما كل هذا كان ليبدو عاديا إذ ما تخطينا حدود تعاليم الأديان لمفهوم حقوق الأقليات. لكن في عام 2013 أعلن بابا الفاتيكان موافقتة الدينية والروحية على زواج المثليين بمؤتمر صحفي مصغر أقيم على متن طائرة كانت عائدة به إلى روما بعد حضوره يوم الشباب العالمي, صرح فيه بشكل مقتضب قائلا:


" عندما أقابل شخصا مِثّلي, علي أن أفرق بين كونه مِثّلي وبين كونه جزءا من فريقٍ للضغط. فإذا كان هؤلاء المثليون يتقبلون الرب ولديهم نية طيبة, فمن اكون أنا ساعتها لأحكم عليهم؟ إذ لا يجب علينا تهميشهم, فهم أخوة لنا بغض النظر عن مشكلة تثيرها حقيقة ميلهم للشذوذ الجنسي" !!

وإن كان هذا رأي بابا الفاتيكان, المعروف بتفتحه نحو تقبل الآخر على أختلاف ذلك الاخر, ولسنا به حتما بملزمين, فما هو الحال إذن إن علمنا بوجود جماعة من آئمة المسلمين , من أصحاب قوس قزح؟
أئمة المساجد المثليون
في أواخر عام 2014 نُشرت عدة مقالات في مواقع أخبارية عالمية كالواشنطن بوست والنيويورك تايمز وحتى الجزيرة إنكليزية لتقديم ما يسمى "بالآئمة المثليين" للمحتوى الإعلامي العالمي! أردنا أن نذكر الرواد منهم , للتعريف بالأمر. 
1-    ضي عبد الله : أفريقي-أمريكي, يعمل إماماً لجماعة من المسلمين , المثليين, بمسجد "ضوء الإصلاح" بواشنطن. ويذكر عبد الله أن الحاجة هي من ألجأته إلى الإمامة, ففي حادثة موت أحد أصدقائه المسلمين المثليين جراء مرض الإيدز , لم يجد أهله احداً من الأئمة يقبل بالقيام بمراسم صلاة الجنازة و الدفان, فأوكلوا إليه تلك المهمة , وهي الحادثة التي حثته لكي ينظم مع جماعة من المسلمين المثليين مجتمعا مصغرا يتخذ مسجد ضوء الإصلاح مقرا لخدمتهم. وبالأضافة لإمامة الصلوات الخمس, ومراسم صلاة الجنازة, عبد الله لديه أيضا صلاحيات عقد القران للمثليين . جدير بالذكر أن عبد الله ولد لأبوين كاثولكيين يعملان بإحدى الكنائس, وتحول حديثا للإسلام! 

2-    محسن هندركس: باكستاني يحمل الجنسية الجنوب أفريقية و يؤم أكبر تجمع للمسلمين المثليين في مدينة "كيب تاون". هندركس كان أول إمام يعترف بمثليته بالرغم من إنحداره من عائلة تمتهن الإمامة في المجتمع المسلم بجنوب أفريقيا" . هندركسن بعد زواجه و إنجابه أولاده الثلاث أتخذ قراره بمصارحة عائلته بأمر مثليته , و أخذ على عاتقه العمل على نشر ثقافة التقبل والتقريب بين جماعته التي يرأسها وبين الآخرين, على حد قوله.
ويقوم هندركس بالأمامة وتقديم دروس الدين الإسلامي منذ سنوات بمنظمته "الدائرة الداخلية", كما قام بتقديم كتاب بأسم "الحجاب: إزاحة الستار عن حياة المسلم المثلي"! والذي يقول في مقدمته: 
"هذا سهم من قصصٍ مختارات من واقع الحياة لأولئك الذين ناضلوا و مازالوا يناضلون للتوفيق بين الروحانية و حياتهم الجنسية. وهذه القصص  توضح وحدانية الوجود و التفكير في كيف أن بعض تفسيرات الكتاب المقدس (= يقصد القرآن الكريم) قد تنفر أولئك الآخرين "المختلفين" . 

3-     لودفيك-محمد زاهد: فرنسي من أصول جزائرية , ومؤسس أول مسجد للمسلميين المثليين بباريس/فرنسا , حيث يتم الترحيب بكل الأقليات المثلية وتقام الصلوات التي يصلي النساء فيها بجوار الرجال جنبا إلى جنب. زاهد الذي يقول أن أمه التي كانت تعامله خلال طفولته و حتى سنوات شبابه الأولى كأبنتها وليس كأبنها, هي أول من عارضت مجاهرته بأمر مثليته معارضة قوية, إلا أن دعم والده جعله قادرا على متابعة ما يريد من نشر ثقافة تقبل الآخر خاصة في وسط مجتمع المسلمين المنحدرين من أصول عربية كالجالية الجزائرية. ولقد تعرض زاهد لتهديدات كثيرة بالقتل و التشهير لذا فضل الهجرة إلى جنوب أفريقيا حيث يعيش مستقرا يعمل كأمام وسط جماعته من المسلمين المثليين. 

هل حرم القرآن المثلية الجنسية؟
من وجهه نظره وفقط , يجيب ضي عبد الله, إمام مسجد ضوء الإصلاح بـ "واشنطن", ردا على سؤال وجهه له محاور بموقع Vice عن سبب تحوله من المسيحية للإسلام بالرغم من معرفته أن معظم المسلمين يوقنون أن القرآن حرم المثلية الجنسية , إنما الأفعال الجنسية التي أدانها القرآن هي التي مورست دون موافقة الطرف الآخر , فكان نوعا من التعذيب ( يقصد فعل قوم لوط), فتلك الأفعال الجنسية هي التي حُرمت وليس الميل الجنسي المشترك , فالقرآن لا يدين أي ميول جنسية !!
ومن وجهه نظره فقط أيضا, يذكر محسن هندركس, إمام منظمة الدائرة الداخلية بمدينة "كيب تاون" " في الإسلام ، ينبغي أن تكون شخصيتك تجسد ما جاء به القرآن. لكن القرآن ليس ضد المثلية الجنسية. وقد بدأ العلماء مؤخرا في الاتفاق على ذلك في وقتنا الحاضر, فكل ما يمكنهم قوله هو أنها خطيئة ولكن ليست بجريمة! إلا أن شيئا لم يذكر عن الشذوذ الجنسي بالقرآن, فلديك حادثة سدوم وعمورة ، والتي إذا تم دراستها بشكل صحيح تجد أنهم استحقوا العذاب لتفشي الدعارة ، والتحرش الجنسي والاغتصاب ! لا يمكننا أبدا تغيير القرآن ، ولكن يمكننا تغيير ما تم فهمه من تفسيره".
فيما يرى علماء السنة التقليديين المعاصرين كالشيخ محمد مختار الشنقيطي والشيخ عبد الله بن حامد, مع تأكيدهم على أن من يأتي بتلك الأفعال من المثلية الجنسية هو "فاسق", إلا أنهم يرون أنه لا توجد ثمة عقوبة زمنية منصوص عليها في المصدرين الأهمين للشريعة الإسلامية , القرآن و السنة, تقضي بعقوبة المثلي الجنسي لمجرد "كونه" مثلي جنسي دون إرادة منه ودون إتيانه بالفعل جهرا .
فعلى الرغم من أن بعض الفقهاء الكلاسيكيون يعتبرون أن أتيان مثل هذه السلوكيات الشاذة عن الفطرة التي فطر الله الإنسان عليها هو فعل غير أخلاقي، إلا أن المسألة باتت لتأخذ منحى أكثر تطورا! فالشيخ حامد العلي في كتابه "مثليو الجنس والتحدي لأخلاقيات المسلم" قام بتوثيق كيف حاول بعض الفقهاء أن يفهموا سلوكيات أولئك الذين يتصرفون بسلوك جنسي شاذ "المخنثين" , وما إذا كان ذلك على أساس فطري أو عن طريق الاختيار. وقال انه أقتبس من الإمام يحيى ب. شرف النووي رحمه الله (1277م) أنه "ليس ثمة ملامة, أو خطيئة ملصقة, او عقاب واقع بشرط إذا ماكان الشخص على مثل ذلك النحو من الميل الجنسي الشاذ بغير إرادة منه, فهو مُعَذّر" .
و يشير الشيخ علي أيضا إلى الفقيه "الحافظ ابن حجر العسقلاني (1448م) والذي استشهد من أقوال الإمام ابن جرير الطبري (922 م) على أنه " إذا ما ظهرت على الرجل خواص أنثوية نظرا لطبيعته التي خٌلق عليها دون إرادة، فبدلا من عقوبته يجب أن يتم تعليمه تدريجيا للكف عن ذلك الأمر" .

يبدو أن المشهد يتكرر في كل محاولات البعض من المنتسبين للإسلام بإختراع عقائد لإستبدالها بتلك المُسّلم بها من قبل الشريعة الإسلامية المستقاة من القرآن الكريم و السنة النبوية المشرفة عن طريق إوراد آيات مبتورة من القرآن , وأخرى بتفسيرات قد تشمل معاني كثيرة من أجل تذليل مهمتهم في الإدعاء وتفسير ما يروق لهم وفق نطاق بات بالي الإستخدام ألا وهو "الحرية الشخصية"! فيما لم تلتف أنظارهم آيات و تفسيرات تنهي عن الأتيان بالفاحشة "سواء كانت إجباريا - كما أدعوا" , أو "أختياريا - كما يحاولون تبريره"! 

المصادر:
1-    موقع صوت الكاثولوكي " DID POPE FRANCIS SAY HOMOSEXUAL BEHAVIOR IS OK? "
http://www.catholicvote.org/did-pope-francis-say-homosexual-behavior-is-ok/
2-    موقع الواشنطن بوست " Imam Daayiee Abdullah welcomes gay Muslims to worship, marry
" http://goo.gl/OVk4CY
3-    موقع الجنوب أفريقي " I am an imam, but I’m also gay. And I’m prepared to die for this "
http://goo.gl/j0Nu2B
4-    موقع "Vice" " Life as a Gay Imam Isn't as Bad as It Sounds "
http://goo.gl/Ne8iLb
5-     موقع ويكبيديا " Sodom and Gomorrah "
http://en.wikipedia.org/wiki/Sodom_and_Gomorrah
6-    موقع الهافنجتون بوست " Why Gay Marriage May Not Be Contrary To Islam "
http://www.huffingtonpost.ca/faisal-kutty-/gay-marriage_b_5044372.html
7-    شبكة الألوكة الإسلامية, كتاب "شروط الإمامة في الصلاة: مفهوم وفضائل وأنواع وآداب وأحكام" للشيخ سعيد بن علي بن وهف القحطاني.
http://www.alukah.net/library/0/50279/