Tuesday 31 March 2015

أيفون 6 أم شهر بأسطنبول

Share on Tumblr
في أي السبيلين ستجد سعادتك المنشودة ؟!
أفي تبديد أموالك في الحصول على أحدث الأجهزة الإلكترونية أو أندر الأنتيكات أو أفخم الملابس أو أكثر السيارات سرعة و تقنية !! أو ربما بعض الكتب النادرة أو الصادرة حديثا !!
أم تنفقها , بحكمة في أمور أخرى , بُغية "التجربة" !! تلك التي يدوم أثرها في نفسك طويلا .. ويظهر مردودها على تحسن مزاجك وعلاقتك بالآخرين..
أن تسافر بلدا لم تزره من قبل , وتجرب أغرب صنوف الطعام التي لم تعتادها "معدتك" , أو تمشي بشوارع يكسوها المطر أو الثلج أو الغبار !! فتارة تطفو فوق مياه إحدى الجزر النائية محاطا بالدلافين , أو تهبط من علٍ بالبراشوت في إحدى الساحات الخضراء !! تغوص بالأعماق بين الأسماك المتوحشة و المرجان , عرش ملك البحور !! أو تحضر أقوى مبارايات الدوري الإنجليزي, فتشجع فريقك , وترشق الفريق الأخر بالبيض "الممشش"!! تنام في خيمة منصوبة بين أشجار الشاي في إيران وتسيح بين أسواقها الممزوجة بالبخور وعرق الكادحين!! أو تصلي بإحد مساجد الداخل الأفريقي الوعر .. لتلقط "سيلفي" مع أول أسدٍ مار !
تمر بتلك الدروب التي مر بها أسلافك لفتوحات الهند و طريق الحرير وصولا لثلوج سيبريا التي لا ترحب بالوافدين !!
أظهرت إحدى الدراسات النفسية الحديثة التي أجرتها مؤخرا جامعة كورنيل أن حديث المرء عن تجاربه التي أكتسبها عن طريق ممارسة كل جديد , مهما كانت قاسية, من شأنه أن يرفع من حالته المعنوية, وتعزو الدراسة ذلك لقدرة الحديث "الفضفضة = المشاركة بالسرد " عن التجارب الجديدة للناس في مساعدة المرء على بناء شخصية سليمة قادرة على التغلب على أيةِ صعوبات قابلها في خوضه تجاربه تلك مهما كانت قاسية / أو مرهقة! فيرتفع بالتالي منسوب السعادة لديه.
كما يوجد سبب أخر يجعل من إنفاق الأموال في الحصول على تجارب جديدة أكثر "نفعاً" من إنفاقها في تكديس حياتك بأشياء كثيرة لا داعي لها , وربما أغلى ثمناً , و لا تضفي على حياتك بالنهاية نسبة 10% من تلك السعادة التي تحصل عليها من تجاربك , ألا وهو مشاركة تجاربنا مع الآخرين تجعلنا أكثر قدرة على الإندماج الإجتماعي, وبالتالي علاقات أكثر مرونة و رسوخا.

نتائج تلك الدراسة , أضافت بعداً أخر لجدلية "إسترلين" (Easterlin Paradox), نسبة لبروفيسور علم النفس "ريتشارد إسترلين", والذي ربط السعادة التي يشعر بها أحدهم بدخله , قائلا " ترتبط سعادة الفرد بدخله المرتفع, لكن على المدى الطويل, لا يضمن استمرار إرتفاع دخل الفرد زيادة سعادته" ! إذ حتى الدخل المرتفع , بناء على نتائج تجربة جامعة كورنيل , لا يضمن نفس مردود السعادة نتيجة أختيار في أي سبيل ستنفقه !!
لذا قبل أن ترتكب جنونا مثل شراء "أيفون 6 " فكر ملياً بما قد تبتاعه لك 6000 آلاف جنية مصري من سعادة أنت تعرف جيدا أنها ستدوم أكثر .. كقضاء شهر بـ"أسطنبول " مثلا !!

 هبه حداد
مراجع: 
1) مقال عن دراسة جامعة كورنيل: http://www.fastcoexist.com/3043858/world-changing-ideas/the-science-of-why-you-should-spend-your-money-on-experiences-not-thing
 2) جدلية "إسترلين" : http://en.wikipedia.org/wiki/Easterlin_paradox

No comments: