Friday 27 March 2015

مسلمو أمريكا الأوائل | بيتر مانسيو | ترجمة وتعقيب: هبه حداد

Share on Tumblr
أستهل "بيتر مانسيو", صاحب كتاب "أمة واحدة, وآلهة عدةٍ : تاريخٌ جديد لأمريكا" , مقاله المثير للجدل بـ "نيويورك تايمز" بعنوان "مسلمو أمريكا الأوائل" بالجملة الإعتراضية "لم تكن المرة الأولى لتواجد إمام بإحدى مسابقات "الروديو"! 

والسبب الذي دفعه لكتابة ذلك المقال هو حادثة منع لـ "مجاهد بخاش" إمام الجمعية الإسلامية المحلية, بمقاطعة "تارنت" بولاية "تكساس" الأمريكية, من القيام بمراسم الدعاء لمباركة الجياد, و الخيالة و بعض رجال الجيش بأحدى سباقات الروديو "بفورت وورث" وفقا لما طُلب منه , وذلك بسبب ردة فعل الجمهور الحاضر, حيث قُوبل بموجة عارمة من صيحات الجمهور وشكاوى كثيرة على وسائل التواصل الإجتماعي إذ ذكر بعضهم تبريراتِ كـ "ليس من المقبول أبدا وجود شعائر للديانة الإسلامية في مناسبة إجتماعية يحضرها كل الأمريكيين من مختلف الخلفيات الدينية" , و "رعاة البقر لا يأبهون لأي صلواتٍ للمباركة " !! فتعالت جراء ذلك الموقف الأصوات المنددة بشعارات معادية للإسلام! ومضيفا, أشار مانسيو, "وقبل أربعة أيام من إلغاء مراسم الصلاة والدعاء لجلب البركة وفقا للشعائر الإسلامية للإمام "بخاش", قام بعض المتظاهرين بعاصمة ولاية تكساس "أستن" بإعتراض أحد المهرجانات العامة لإنزال المتحدث, المسلم , من على المنصة , هاتفين "لأ أسم يعلو "المسيح" بـ "تكساس"! بينما تم إلغاء قرار "رفع الأذان" بجامعة "ديوك" بولاية نورث كارولينا بعد تلقي تهديدات شغب , فقط قبل أسبوعين من حادثة "ريديو بورت فورث"! في الوقت نفسه قام عمدة "لويزيانا", جمهوريُ الإنتماء الحزبي, "بوبي جيندال" , بالتصريح "إن أراد المسلمون الأمريكيين إرساء ثقافتهم وقيمهم الدينية, فعندئذ سيكون هذا "غزوا" وليست "هجرة" " "!
ويستطرد مانسيو قائلا "بغض النظر عن تلك العصبية التي يظهرها عامة الأمريكيين تجاه الإسلام, فالتصريح أن غزوا مسلما سيستحوذ على بلدٍ ذات أغلبية مسيحية لأمر لا أساس له في الواقع. وعلاوة على ذلك, فهناك فكرة يُراد تمريرها مفادها "عداء الإسلام للأمريكيين"! ومن المدهش أن نعرف أن وجود المسلمين بأمريكا ليس جديدا بل توافد الآلآف منهم قبل تأسيس الولايات المتحدة الأمريكية. وتم تجاهل أولئك المسلمون الأوائل بشكل فج نظراً لحرمانهم من ممارسة شعائر دينهم لأنهم إذ لم يكونوا أنفسهم أحرارا وبالتالي حُرمت عليهم ممارسة معتقادتهم, بيد أن ما خلفوه من تراث يؤكد أصالة شعائر الإسلام بجذورها الضاربة في التاريخ بأمريكا , بالرغم من كون معتنقيها من أكثر الجماعات التي تعرضت للقمع في تاريخ البلاد, وليست كما يحاول المعادون للأسلام تروجيه كديانة دخيلة على الثقافة الأمريكية جلبها المهاجرون معهم".
وبدأ مانسيو في ذكر نماذج من أوائل المسلمين الأمركيين , فأضاف "في 1528، قَدِم المغربي "إستيفانيكو" , العبد حينئذ, مع فرقة من المستكشفين الإسبان ليمكث بالقرب من المدينة المعروفة حالية بـ "غالفستون" بولاية تكساس!  و في مدينته الأصلية التي نشأ بها "أزمور" ، كانت معقلا للمسلمين ضد الغزو الأوروبي حتى سقطت وتم أسره شابا, وأطلقوا عليه بعد الاستعباد أسما مسيحيا، إلا أنه هرب بالنهاية قاصدا الجنوب الغربي الأمريكي و مستوطنا فيه".
وأضاف, "بعد ذلك بمئاتي عام, قامت جماعة من ملاك الأراضي الزراعية في لويزيانا بإمتلاكهم العديد من العبيد الذين تم جبلهم من مناطق حوض النيل خصيصا لبراعتهم في زراعة الأرز النيلي , حيث لاحظ الباحثون وجود أسماء وألقاب إسلامية في سجلات تجارة الرقيق القادم من المستعمرات و سجلات الوفاة. ولعل من أشهر المسلمين الذين عبروا ميناء "نيو أورليانز" هو عبد الرحمن إبراهيم إبن صوري, الذي كان أميرا في موطنه فلفتت محنته في العبودية إنتباها واسعا. حيث ذكرت إحدى الصحف وقتئذ قراءته للإنجيل وإعجابه بمبادئيه , فكانت إعتراضاته الوحيدة هي أن المسيحيين لا يتبعون تعاليم الإنجيل. ومن بين أولئك المسلمون المستعبدون في شمال كارولين, معلم ديانة يدعى "عمر إبن سعيد", الذي أُعيد للأسر في 1810 بعدما نجح في الفرار من سيدٍ قاس كان يصفه عمر بالكفر. فعٌرف عمر بكتاباته بالحروف العربية على جدران السجن, فاعاد كتابة قصة حياته عام 1831 شارحا حبه لقراءة القرآن حينما كان حراً و إجباره على التحول للمسيحية من قبل مالكية بعدما سقط في الأسر والعبودية! "
و دعم مانسيو مقاله بقوله "إن قصص المسلمين الأوائل في أمريكا ليست قاصرة على عدد من أفراد معزولين عن التاريخ الأمريكي, بل إن ما يقدر بـ 20% من الأفارقة الذين تم إستعبادهم كانوا بالأصل مسلمين, و كثير منهم سعى قديما وحديثا لإعادة خلق المجتمعات المسلمة التي عهدوا العيش في كنفها قبل الأسر. فولاية "جورجيا" حاليا, منضمةً لأكثر من 12 ولاية أخرى لتناقش إضافة الشريعة الإسلامية للأحكام القضائية! إذ يرى الباحثون القانونين, متانة تلك الأحكام نظرا لعدم تأثرها بالحداثة التي فرضتها ظروف المعيشة على الأمريكيين , فبعيدا وفي ظروف الآسر عاش أولئك المسلمون تحت قيادة زعيم روحي يحافظ على الأحكام "مكتوبةً" بمنآى عن التحريف".
مشيرا لأمر في منتهي الأهمية , أضاف مانسيو "فدليلا آخر عن وجود أولئك المسلمين الأمريكيين الأوائل عُثر عليه في أدبيات أحد المبشرين للإنجيل الذين أعتادوا السفر عبر الجنوب نحو مزارع العبيد, حيث ذكر "إن العديد من المحمديين الأفارقة, أوجدوا أساليبهم الخاصة في تجسيد "الإسلام" بإطار العقيدة الجديدة التي فرضت عليهم فرضا "المسيحية", فالرب يطلقون عليه أسم "الله", ويسوع المسيح لديهم هو "محمد""! ويتخذ البعض من تلك المقولة دليلا على عدم قدرة المسلمين الإندماج مع الثوابت الدينية للبلد الجديد, إلا أن العكس هو الصحيح حتما.  فلقد أدرك المسلمون المستعبدون أهمية ممارسة إيمانهم في كل مكان يتواجدون فيه, حتى وإن كان ذلك في بلد نايءٍ عن مواطنهم التي أعتادوا فيها سماع الآذان وإقامة الصلاة ذات يوم". 
ويختتم مانسيو مقاله بقوله " إن الإسلام لجزء من تاريخ أمتنا, فهو عقيدة يعتنقها ليس فقط المستعبدون الأوائل من الأفارقة , ولكن أولئك العرب المهاجرين الذين بدأوا بالوفود إلى أمريكا منذ أوائل القرن التاسع عشر, فيما قام العديد من الأفارقة الأمريكيين, الذين أعتنقوا بالتوارث المسيحية التي فرضت على أسلافهم, مع أزدياد مساحة الحريات الدينية بالقرن العشرين بالرجوع لديانة أجدادهم.
فمن منظوره , يدعي مانسيو بأن الإسلام أمريكي مثله مثل سباقات "الروديو" , فكلاهما تم إستقدامه إلا أنهما حاليا يمثلان فيما لا يدع مجالا للإنكار جزءا من الثقافة الأمريكية, بغض النظر عن إستعداد متظاهري تكساس العنصريين عن قبول تلك الحقيقة أم لا, فلا مناص من أن بعض المسلمين سيتيحوا لأطفالهن أن يكبروا ليكونوا رعاةَ بقر, أو ربما يعتنق بعض من رعاة البقر المعروفين بسباقات "الروديو" الإسلام!!"
مصدر المقال: http://goo.gl/kswGtD

No comments: