Wednesday 25 March 2015

من سلسلة" ألوان الشمس"| خاطرة : لم طال الهجر يا بحر | هبه حداد

Share on Tumblr
أتعرف متى أخر مرة رأيت فيها "البحر" ؟ منذ ثمان سنوات.. ثمان سنوات عتقت بقلبي آخر زيارة لنا للبحر مع أمي واختي الصغيرة قبل أن تتزوج! تلك الأجازة التي أجبروني على الذهاب معهم و اليوم وددت لو أجبروني اليوم وغدا و كل يوم .. إجازة أتتني كإنقاذ بعد إخفاق جسيم كاد يعصف بعقلي وعزيمتي ..
الأمواج المتلاطمة التي كادت تغرقني في "شبر" مرتين , جلستي مع أمي على الصخور بينما يدغدغ الموج أرجلنا , صور المليون سليفي التي أخذناها لكل شيء ربما قبل أن يعرف البعض موضة السيلفي, سمكة القرش التي أطعموني إياها بخدعة أنها سلمون , الموت ضحكا حينما اخذت الموجة أمي وانا أحاول إنقاذها قائلة "ادي الموجة جنبك يا ماما موش ضهرك" , فيديو لأختي وهي تعوم عالشط , ابتززتها بها كثيرا خشيةَ أن أريها لخطيبها , زوجها الحالي! حساسية الماء المالح التي ارقدتني في الفراش ليلتين, السمرة التي اكتسبتها والتي بسببها لم يعرفني احد عندما رجعت , والعائلة الفلسطينية التي تركت ابنتهم الصغرى في رعايتي يوم كامل, فظلت ملتصقة بي في الماء تكاد تحنقني عناقا , وتصرخ كلما اقترب منا قنديلا من قناديل البحر ذوات اللسعات المؤلمة. لحظات الغروب الجميلة التي كنت أعشق الجلوس في حضرتها مع أمي, أتدري؟ ربما ورثت عشق الغروب منها .. نجلس لساعات لا نتحدث , تتشابك أيدينا أحيانا, وأحيانا تكون مشغولة بزجاجات المياة الغازية, والتقريع المعتاد لأمي" الحاجات دي غلط, بتشتريها ليه" , ثم ترفع الزجاجة على فمها مستمتعةً بتلذذ شربها كالعادة!
https://www.facebook.com/photo.php?fbid=1070069486341685&set=a.108407789174531.16211.100000159327112&type=1&theater
نمكث لساعات نودع الشمس التي قررت الرقود بعمق الماء ... أخر الحدود ..
بالعريش , المدينة المسالمة الهادئة بشكل يفوق التصور .. أحببت البحر حقا, بيني وبينه بقايا من حكايات وأسرار , أودعتها باطنه كلؤلؤٍ نفيس ينتظر صيادا يبذل النفس وراء الآخر بحثا عنه.. وعلى شاطئه قضينا أمسياتٍ كانت مفري المثالي من مدينة يأكلها الأسمنت و يعبث بوجهها صرير السيارات صباح مساء.
أتدري؟ أعيش بمدينة تطل على البحر, لكن أو كل بحرٍ بَحر؟ البحر هنا تعيس و بائس يا بحر, لا يبادلني الإبتسام , لا يصرخ بوجهي ,لا تُسكرني رائحته, ولا يخطف قلبي إقترابي منه , إنه لا يُخفني كما تفعل أنت ... أحب أن تخيفني يا بحر .. لست أدري ,, لكني أحب أحيانا "الخوف" منك والخوف عليك .. أوتدري.. ربما سأسمي إبني , إن جاء , بحرا ..
لما طال الهجر يا بحر؟! إنني اشتقتُ ..

No comments: