Friday 8 February 2013

قصة قصيرة: موت دمية || هبه حداد

Share on Tumblr

في احد الأزقة يرقد ممددا لا يستطيع الحراك ولا احد من حوله يساعده ، هكذا تركوه وحيدا وهربوا ، نسوه كما نسوا ابخس ما يملكون فرارا من الدمار والنار ، و بقي هو يحتبس أنفاسه كلما سمع صياح المارة او خطوات ثقيلة او حتي الريح تضرب النوافذ الممزقة بلا توقف، يرتجف رعبا وبردا والألم يعصف بذاكرته وقد ادمي الدمع وجنتيه، فلم يعد يتذكر ما أل اليه حال هذة الدار قبل سويعات. فولد مثله بمركز حقير للضائعين والمنبوذين وأولاد الحرام كما كان يسمع ابناء الحي والعجائز لا يري النور الا عندما كانت تخرجه في مرات قليلة مربية عجوز، لتحتضنه الشمس الحنون في نهار بارد كأم ولهت علي ابنها المحموم العائد للحياة من برزخ الموت. هو ملصق بكرسيه المدولب الخشبي الذي تصدق عليه به احد الأهالي مصدرا صوتا حادا كالقرقعة علي صفيح كلما تحرك. كانت تجره المرأة العجوز و احيانا كثيرة كانت تمله فتسنده هو وكرسيه بجوار السور غير أبهة ، فمن عساه يطمع في ولد حرام مقعد وهو من رماه ذويه كالخرقة البالية امام هذا المركز الحقير !! يشاهد الاطفال من حوله يركضون جيئا ورواحا كمن فر من قسورة ، ولا يعلم اي ذنب اقترف ليواجه العالم متحدا مع هذا الكرسي البغيض الذي اكل روحه قبل ساقيه. ترتفع أصوات ضخمة لا يعي ما هيتها في هذه السن الصغيرة، تصرخ المربيات العجائز قاذفين الفزع بصدره هو وباقي الاولاد فقد حدث ماكن يخشونه وتناقلته الاهالي من احياء قريبة ، فيسلمن سوقهن للريح معلنات خطة الركض بعدما أصاب الدار فوج من اللهب والتدمير ، وهو مقلبا عينيه الخائفتين كالغريق مادا يديه للفارين ان خذوني ، و مع الهلع وركض الدببة و الجرذان من حوله يدفعونه ليسقط عن كرسيه المدولب مرتطما بالأرض الباردة كجوال من طحين سقط فتبعثر، ، وتلمحه العجوز الهاربة فتعود إدراجها تلعن حظه العثر فتحمله بساعديها القديمين متمتمة للحظات بكلمات لاهثة خائفة لا تبدو له بمفهومه قبل ان يصرخا سويا علي إثر الهبة النار التي اخترقت بطنها وساقه فتهاوا كلاهما كمن تهاوي من النسوة والاولاد قبل ان يصلوا أعتاب الدار المهشمة ، والألم ينهشه يراقب في غيبوبته أقدام الجميع تهرول الي المجهول...


هبه حداد

No comments: