Friday 8 February 2013

قصة قصيرة: ذوو الأقدام الثقيلة || هبه حداد

Share on Tumblr
يقف الصبي شعره منفوش بلون عسل النحل و عيون كلون مرج اخضر بات فى احضان ليله ممطرة , يمسك باحدى يديه كسره من الخبز و بيد اخري ورقة مكتوب عليه اسم والديه , يبكى و هو ينهش كسره الخبز فى صف طويل , وراءه و امامه صبيان بنفس العمر او ربما اكبر فهو لا يعلم سوى انهم وجوهوه نحو هذا الصف وقالوا له قف هاهنا وامسك هذه الورقة. مذعننا وقف بلا حيله سوى دموع تبدو ساخنه على وجه شارد و فم يتلوى ببطء ماضغا كسره الخبز!  يدور بنظره بين زوايا المكان و صراخ الصبيان من حوله قد تلاشى , يتذكر بيتا ريفيا لاتدل محتوياته على كثير غنى ولكنها حوت عناصر الدفء و المحبة في ام تلمه و تلثمه حينما يهرع إليها راجيا لقمه و اب يعلمه كيف يعقد رباط حذاءه المهتريء و بعض الزريعات يسقيهن وكأنهن مرج فسيح و امسية عالعشاء تليها غناوى بريئة و نوم مسترخى سعيد , و ... اجتياح وام تركض لاهثة تختطفه من فراشه كما يخطف الطير وليده هاربا نحو السماء , ولكن الارض ليست كالسماء , وما يقدران عليه جناحى الطير لم تقدر عليه قدمى هذه المرأه فعالجتها نيران فانهار جناحاها و اسقطت ابنها كما يسقط دلو الماء ساكبا ما فيه , سقط الصبى ولم يعرف وقتها مالذى يحدث سوى صرخات و نساء تولول واب بالجهة الاخرى من الشارع قد نال نصيبه من الفاجعة فاغرا فاه وكأنه ينادى.. بعدها لم يتذكر شيئا سوى احدى جارات امه تسحبه من يديه ناصحا اياه بالهرولة بقدر ما يستطيع و رجالا يحملون حديدة واقدامهم ثقيلة و كأنها مبنى عالي لا يرى من صاحبها سوى بقع الطين على احذيتهم... وسماء لا تبدو صافيه كما تعود عليها و طريق طويل قضاه بين الحلم و الحقيقة راكضا ماشيا و احيانا قليله محمولا , ليجد نفسه بعد ازمان متلاحقة لم يعى حسابها يقف فى هذا الصف ... "بشار" !!! "بشار الصدفي" ... تعال النداء مرة تلو الاخرى و الصبيان ينظرون لبعضهم باستغراب تارة و باشمئزاز تارة اخرى , لعل الاسم ذكرهم بمأساتهم و ما أل إليه حالهم يقفون فى طابور باحدى مؤسسات الاغاثة على الحدود الاردنية السورية والتى ان وفرت لهم مبيتا لم توفر لهم طعاما الا كسرات الخبز, ثم ياتى رجلا ليسحب الصبى من يديه التى تحمل الوريقة صارخا فيه "ولك اطرش! شو! ما تسمع اسمك؟" !! .... لم يختلف حذاءوه فى نظر الصبى عن حذاء ذوى الاقدام الثقيلة..... 


"مأساة مخيم الزعترى للاجئين السوريين"



No comments: